كلمات قصيدة الهمزية مكتوبة كاملة

صنديد
0
قصيدة الهمزية من تأليف الشاعر شرف الدين البوصيري. ويقدم موقع صنديد قراءة كلمات قصيدة الهمزية في مدح خير البرية رسول الله محمد صلى الله على وسلم مكتوبة كاملة.

شاهد قصيدة الهمزية مكتوبة بالفيديو

قصيدة الهمزية مكتوبة


كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ


يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ


لَمْ يُساوُوك في عُلاكَ وَقَدْ حال


سناً مِنك دونَهم وسَناءُ


إنّما مَثَّلُوا صِفاتِك للناس


كما مثَّلَ النجومَ الماءُ


أنتَ مِصباحُ كلِّ فضلٍ فما تَصدُرُ


إلا عن ضوئِكَ الأَضواءُ


لكَ ذاتُ العلومِ من عالِمِ الغَيبِ


ومنها لآدمَ الأَسماءُ


لم تَزَلْ في ضمائرِ الكونِ


تُختَارُ لك الأُمهاتُ الأَباءُ


ما مضتْ فَترةٌ من الرُّسْلِ


إِلّابَشَّرَتْ قومَها بِكَ الأَنبياءُ


تتباهَى بِكَ العصورُ


وَتَسْموبِكَ علْياءٌ بعدَها علياءُ


وَبَدا للوُجُودِ منك كريمٌ


من كريمٍ آبَاؤُه كُرماءُ


نَسَبٌ تَحسِبُ العُلا بِحُلاهُ


قَلَّدَتْهَا نجومهَا الْجَوزاءُ


حبذا عِقْدُ سُؤْدُدٍ وَفَخَارٍ


أنتَ فيه اليتيمةُ العصماءُ


وُمُحَيّاً كالشَّمس منكَ مُضِيءٌ


أسْفَرَت عنه ليلةٌ غَرّاءُ


ليلةُ المولدِ الذي كَان للدِّينِ


سرورٌ بيومِهِ وازْدِهاءُ


وتوالَتْ بُشْرَى الهواتفِ أن قدْ


وُلِدَ المصطفى وحُقّ الهَناءُ


وتَدَاعَى إيوانُ كِسْرَى ولَوْلا


آيةٌ مِنكَ ما تَدَاعَى البناءُ


وغَدَا كلُّ بيتِ نارٍ وفيهِ


كُرْبَةٌ مِنْ خُمودِها وَبلاءُ


وعيونٌ لِلْفُرسِ غارَتْ فهل


كانَ لنِيرانِهِم بها إطفاءُ


مَوْلِدٌ كان منهُ في طالعِ الكُفْرِ


وبالٌ عليهِمُ ووباءُ


فَهنيئاً به لآمِنَةَ الفَضلُ


الذي شُرِّفَتْ به حوَّاءُ


مَنْ لِحَوَّاءَ أنها حملَتْ أحْمدَ


أو أنها به نُفَسَاءُ


يوْمَ نَالت بِوَضْعِهِ ابنَةُ وَهْبٍ


مِنْ فَخَارٍ ما لم تَنَلْهُ النِّساءُ


وَأَتَتْ قومَها بأفضلَ مما


حَمَلَتْ قبلُ مريمُ العذراءُ


شمَّتته الأَملاكُ إذ وضَعَتْهُ


وشَفَتْنَا بِقَوْلِهَا الشَّفّاءُ


رافعاً رأسَه وفي ذلك


الرفع إلى كل سُؤْدُدٍ إيماءُ


رامقاً طَرْفه السَّماءَ ومَرْمَى


عينِ مَنْ شَأْنُهُ العُلُوُّ العَلاءُ


وتَدَلَّتْ زُهْرُ النُّجومِ إليهِ


فأضاءت بِضوئها الأَرجاءُ


وتراءت قصورُ قَيصَر بالرُّومِ


يَرَاهَا مَنْ دَارُهُ البطحاءُ


وبَدَتْ فِي رَضَاعِهِ مُعْجِزَاتٌ


لَيْس فيها عنِ العيون خَفَاءُ إذْ


أَبَتْهُ لِيُتْمِهِ مُرْضِعاتٌ


 قُلْنَ ما في اليتيمِ عنا غَنَاءُ


فأتتهُ من آلِ سعدٍ فتاةٌ


قد أبَتْهَا لِفَقْرِهَا الرُّضَعاءُ


أرْضَعتْهُ لِبَانَهَا فَسَقَتْهَا


وَبنِيها أَلْبَانَهُنَّ الشَّاءُ


أَصْبَحَتْ شُوَّلاً عِجافا وأمْسَتْ


ما بِها شائلٌ ولا عَجْفاءُ


أخْصَبَ العَيْشُ عِنْدَهَا بعدَ مَحْلٍ


إذ غَدا للنبيِّ منها غِذاءُ


يا لَها مِنَّةً لقدْ ضُوعِفَ الأَجْرُ


عليها من جِنْسِها والجزَاءُ


وإذا سخَّرَ الإِلهُ أُناساً


لسعيدٍ فإِنهم سُعَداءُ


حَبَّة أَنْبَتَتْ سَنَابِلَ والعَصفُ


لَدَيْهِ يَسْتَشْرِفُ الضُّعَفَاءُ


وَأَتَتْ جَدَّهُ وقد فَصَلَتْهُ


وبِهَا مِنْ فِصَالِهِ البُرَحَاءُ


إذ أحاطتْ به ملائكةُ اللهِ


فظنَّتْ بأنهم قُرَنَاءُ


ورأى وَجْدَها به ومِنَ الوَجدِ


لهيبٌ تَصْلَى بهِ الأَحْشاءُ


فَارَقَتْهُ كُرْهَاً وكان لَدَيْهَا


ثاوِياً لا يُمَلُّ مِنْهُ الثّواءُ


شُقَّ عَنْ قَلْبِهِ وأُخْرِجَ مِنْهُ


مُضْغَةٌ عِنْدَ غَسْلِهِ سوداءُ


خَتَمَتْهُ يُمْنَى الأَمينِ وقد أُودِعَ


ما لم تُذَع له أَنْبَاءُ


صانَ أَسْرَارَه الخِتَامُ فلا الفَضْضُ


مُلِمٌّ بِهِ وَلا الإِفضاءُ


أَلِفَ النُّسْكَ والعبادةَ والخَلوةَ


طِفلاً وهكذا النُّجَبَاءُ


وإذا حَلَّتِ الْهِدَايَةُ قَلْبَاً


نَشِطَتْ في العبادة الأَعضاءُ


بَعَثَ اللَّهُ عندَ مبعثهِ الشُّهبَ


حِراساً وضاقَ عنها الفضاءُ


تَطْرُدُ الجِنَّ عن مقاعدَ للسَّمْعِ


كما تَطْرُدُ الذِّئابَ الرِّعاءُ


فَمَحَتْ آيةُ الكَهَانَةِ آياتٌ


مِنَ الوحْيِ ما لَهنَّ امِّحاءُ


ورأَتْهُ خديجةٌ والتُّقَى


والزُّهْدُ فيه سجيَّةٌ والحياءُ


وأتاها أن الغمامةَ


والسرحَ أَظَلَّتْهُ منهما أفياءُ


وأحاديث أنَّ وَعْدَ رسولِ الله


بالبعثِ حانَ منه الوفاءُ


فدَعَتْهُ إلى الزواجِ وما أَحْسَنَ


ما يبلغُ المُنَى الأَذكياءُ


وأتاهُ في بيتها جَبْرَئيلٌ


ولِذي اللُّبِّ في الأُمورِ ارْتياءُ


فأماطت عنها الخِمَارَ لتَدْري


أهُوَ الوحْيُ أم هو الإِغماءُ


فاختفى عند كشفِها الرأْسَ


جِبْريلُ فما عادَ أو أُعيدَ الغِطاءُ


فاستبانت خديجةٌ أنه الكنْزُ


الذي حَاوَلَتْهُ والكِيميَاءُ


ثم قام النبيُّ يدعو إلى اللهِ


وفي الكُفرِ نَجْدَةٌ وإباءُ


أُمَمَاً أُشرِبَتُ قلوبُهُم الكُفرَ


فَدَاءُ الضَّلالِ فيهم عَيَاءُ


ورأينا آياتِه فاهتدَيْنَا


وإذا الحقُّ جاء زالَ المِراءُ


رَبِّ إِنَّ الهُدى هُداك وَآياتُكَ


نورٌ تَهْدِي بها من تشاءُ


كم رأَيْنَا ما ليس يَعْقِلُ قد أُلْهم


ما ليْس يُلْهَمُ العُقلاءُ


إذ أبى الفيلُ ما أتى صاحبُ الفيلِ


ولم ينفعِ الحِجا والذكاءُ


والجماداتُ أفصحت بالذي


أُخرِسَ عنه لأَحمدَ الفُصحاءُ


ويْحَ قومٍ جَفَوا نَبِيَّاً بأرضٍ


أَلِفَتْهُ ضِبَابُها والظِّبَاءُ


وَسَلَوْهُ وَحَنَّ جِذعٌ إِليه


وَقَلَوْهُ وَوَدَّهٌ الغُرَباءُ


أخرَجوه منها وآوَاهُ غارٌ


وَحَمَتْهُ حَمامَةٌ وَرقاءُ


وَكَفَتْهُ بِنَسْجِها عنكبوتٌ


ما كَفَتْهُ الحمامةُ الحَصْداءُ


وَاختفى منهمُ على قُرْبٍ مَرْآهُ


ومن شِدَّةِ الظهورِ الخَفَاءُ


وَنَحا المصطفى المدينةَ وَاشتاقتْ


إليه من مكةَ الأَنحاءُ


وَتغنّتْ بِمَدْحِهِ الْجِنُّ حتَّى


أطرَبَ الإِنسَ منه ذاك الغِناءُ


وَاقتفى إثْرَهُ سُراقَةُ فاستَهْوَتهُ


في الأَرْضِ صافنٌ جَرْداءُ


ثم ناداهُ بعدَما سِيمَتِ الخَسفَ


العُلا وَقَد يُنْجِدُ الغريقَ النِّداءُ


فطوى الأَرضَ سائرا وَالسمواتِ


العُلا فوقَها له إِسراءُ


فصِفِ الليلةَ التي كان للمُختارِ


فيها على البُراقِ استواءُ


وترقى به إلى قابِ قَوْسَيْنِ


وَتِلكَ السيادةُ القَعْساءُ


رُتَبٌ تَسْقُط الأَمانيُّ حَسْرَى


دونَها ما وراءهن وَرَاءُ


ثم وافَى يحدِّثُ الناسَ شُكْرَاً


إذ أتته من ربِّه النَّعْماءُ


وتَحَدَّى فارتابَ كلُّ مُريبٍ


أَوَ يَبْقَى مع السُّيُولِ الغُثاءُ


وَهْوَ يدعو إلى الإِلهِ وَإن شققَ


عليه كفرٌ به وَازدِراءُ


وَيَدُلُّ الورَى على اللَّهِ بالتَّوْ


حيدِ وَهْوَ المَحَجَّةُ البَيْضاءُ


فَبِمَا رحمةٍ مِنَ اللَّهِ لانَتْ


صَخْرةٌ مِنْ إبائِهم صَمَّاءُ


وَاستجابَتْ له بنصرٍ وَفَتْحٍ


بعد ذاكَ الخضراء والغبراءُ


وَأَطاعَتْ لأَمْرِهِ العَرَبُ العَرْباء


وَالْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ


وَتَوالَتْ للمصطفى الآيةُ الكبْرَى


عليهمْ وَالغارةُ الشَّعْواءُ


فإذا ما تلا كتابا من اللهِ


تَلَتْهُ كَتِيبَةٌ خضراءُ


وَكفاهُ المستهزئينَ وَكم ساءَ


نبِيَّاً من قومِه استهزاءُ


وَرَماهم بِدَعْوَةٍ من فِناءِ البَيت


فيهَا للظالمين فَنَاءُ


خمسةٌ كُلُّهم أُصيبوا بداءٍ


والرَّدَى من جنودِهِ الأَدوَاءُ


فدَهَى الأَسودَ بنَ مُطَّلِبٍ أَييُ


عمىً مَيِّتٌ به الأَحياءُ


وَدَهَى الأَسودَ بنَ عبدِ يغوثٍ


أن سَقَاهُ كأسَ الرَّدَى اسْتِسْقَاءُ


وأَصابَ الوليدَ خَدْشَةُ سَهْمٍ


قَصَّرَتْ عنها الْحَيَّةُ الرَّقْطاءُ


وَقَضَتْ شَوْكَةٌ على مَهْجَةِ


العاصِي فللّهِ النَّقْمَة الشَّوْكاءُ


وَعَلا الحارثَ القُيُوحُ وَقد سالَ


بِها رأسُه وَساء الوِعاءُ


خمسةٌ طُهِّرَتْ بِقَطْعِهِم


الأَرضُ فَكَفُّ الأَذى بهم شَلَّاءُ


فُدِيَتْ خمسةُ الصَّحيفةِ


بالخَمسةِ إن كان بالكرام فِدَاءُ


فِتْيَةٌ بَيَّتُوا على فِعلِ خَيْرٍ


حَمِد الصبحُ أمرَهم وَالمَساءُ


يَا لأَمر أَتاهُ بعدَ هِشامٍ


زَمْعَةٌ إنه الفتَى الأَتَّاءُ


وَزُهَيْرٌ وَالْمُطْعِمُ بنُ عَدِيّ


وَأبو البَخْتَرِيِّ مِنْ حيث شاءوا


نَقَضُوا مُبْرَمَ الصَّحيفةِ إذ شددَت


عليهم من العِدا الأَنداءُ


أذْكَرَتْنَا بِأَكْلِهَا أكلَ مِنْسَاةِ


سُلَيْمانَ الأَرْضَةُ الخَرساءُ


وَبهَا أخبَر النبيُّ


وكم أخرَجَ خَبْئاً له الغُيُوبُ خِبَاءُ


لا تَخَلْ جانِبَ النبيِّ مُضَاماً


حينَ مَسَّتْهُ منهمُ الأَسْواءُ


كلُّ أمرٍ نَابَ النبيِّينَ فالشددَةُ


فيه محمودةٌ وَالرّخاءُ


لو يَمسُّ النُّضَارَ هُونٌ


مِنَ النارِ لما اختيرَ للنُّضَارِ الصِّلاءُ


كم يَدٍ عن نَبِيِّهِ كَفَّهَا اللهُ


وَفي الخَلْقِ كَثْرَةٌ وَاجتراءُ


إذ دعا وَحْدَهُ العبادَ وَأَمْسَتْ


مِنه في كلِّ مُقلَةٍ أَقْذاءُ


هَمَّ قومٌ بِقَتْلِهِ فأَبى السَّيْفُ


وَفاءً وَفاءتِ الصَّفْواءُ


وَأبو جهلٍ إذ رأى عُنُقَ


الفحلِ إليه كأنه العنقَاءُ


وَاقتضَاهُ النبيُّ دَيْنُ الإِراشييِ


وَقد سَاء بيعُهُ وَالشِّرَاءُ


وَرأى المصطفى أَتَاهُ بما


لَمْ يُنْجِ منه دونَ الوفاء النَّجَاءُ


هوَ ما قد رآهُ مِن قبلُ لكنْ


ما عَلَى مِثْلِهِ يُعَدُّ الخَطَاءُ


وَأَعَدَّتْ حَمَّالَةُ الحَطَبِ


الفِهرَ وَجَاءَتْ كأَنها الوَرْقاءُ


يومَ جاءَت غَضْبَى تقولُ أفي مِث


لِيَ مِنْ أحمدٍ يُقالُ الهِجَاءُ


وَتَولَّتْ وَمَا رأته وَمِنْ أَيْنَ


ترَى الشمسَ مُقْلَةٌ عمياءُ


ثم سَمّتْ له اليهوديَّةُ الشَاةَ


وَكم سَامَ الشِّقْوَةَ الأَشقِيَاءُ


فأَذاعَ الذِّراعُ مَا فيه مَن شررٍ


بِنُطْقٍ إخفاؤُهُ إبداءُ


وَبِخُلقٍ مِنَ النبيِّ كريمٍ


لَمْ تُقَاصَصْ بِجرحهَا العَجْماءُ


مَنَّ فَضْلاً عَلَى هَوَازِنَ إذْ كانَ


له قبلَ ذَاكَ فيهِمِ رِبَاءُ


وَأتى السَّبيُ فيه أُختُ رَضَاعٍ


وَضَعَ الكُفْرُ قَدْرَهَا وَالسِّبَاءُ


فَحَبَاهَا بِرّاً تَوَهَّمَتِ النَّاسُ


به أنَّما السِّبَاء هِداءُ


بَسَطَ المصطفى لها مِن رِداءٍ


أيُّ فضل حَوَاهُ ذاكَ الرِّداءُ


فَغَدَتْ فيه وَهْيَ سيِّدةُ النِّسْوَةِ


وَالسيِّدَاتُ فيه إمَاءُ


فتَنَزَّهْ في ذاتِه وَمَعَانيهِ


استماعاً إنْ عَزَّ مِنهَا اجتِلاءُ


وَاملأ السّمْعَ مِن محَاسِنَ يُمْلِيهَا


عليك الإنشَادُ وَالإِنْشَاءُ


كلُّ وَصْفٍ له ابْتَدَأتَ به استَوْعَبَ


أخبَارَ الفضلِ مِنه ابتداءُ


سَيِّدٌ ضِحْكُهُ التَّبَسُّمُ وَالْمَشيُ


الهَوَيْنَا وَنَومُهُ الإِغفاءُ


مَا سِوَى خُلْقِهِ النسيمُ وَلا غَيْرَ


مُحَيَّاهُ الرَّوْضَةُ الغَنَّاءُ


رحمةٌ كلُّهُ وَحَزْمٌ وَعَزْمٌ


وَوَقَارٌ وَعِصْمَةٌ وَحَيَاءُ


لا تَحُلُّ البأْسَاء مِنه عُرَا الصَّبْرِ


وَلا تَسْتَخِفُّهُ السَّرَّاءُ


كَرُمَتْ نَفْسُهُ فما يخْطُرُ


السُّوء عَلَى قَلْبِهِ وَلا الفحشَاءُ


عَظُمَتْ نِعْمَةُ الإِله عليه


فاستَقَلَّتْ لِذِكْرِهِ العُظَمَاءُ


جَهِلَتْ قومُهُ عليه فأَغْضَى


وَأخو الحِلْم دَأبُهُ الإِغْضَاءُ


وَسِعَ العَالَمِين عِلْمَاً وَحِلْمَاً


فهْوَ بحرٌ لم تُعْيِهِ الأَعبَاءُ


مُسْتَقِلٌّ دُنْيَاكَ أن يُنْسَبَ الإِم


ساكُ منها إليه والإِعطاءُ


شمسُ فضلٍ تَحَقَّقَ الظنُّ فيه


أنه الشمسُ رِفْعَةً والضِّياءُ


فإذا ما ضحا محا نورُه الظِّللَ


وقد أثْبَتَ الظِّلالَ الضَّحَاءُ


فكأنَّ الغمامةَ استَوْدَعَتْهُ


مَنْ أظَلَّتْ مَنْ ظِلِّهِ الدُّفَفَاءُ


خَفِيَتْ عِنْدَهُ الفضائلُ وانجابَتْ


به عن عقولِنَا الأهواءُ


أمَعَ الصُّبحِ للنجومِ تَجَلٍّ


أمْ مع الشمسِ للظلامِ بَقاءُ


مُعجزُ القَوْلِ والفِعَالِ كريمُ الخلقِ


وَالخُلْقِ مُقْسِطٌ مِعْطاءُ


لا تَقِسْ بالنبيِّ في الفضل خَلْقَاً


فهو البحر والأنامُ إضاءُ


كلُّ فضل في العالَمين فمن


فَضلِ النبيِّ استعارَهُ الفُضَلاءُ


شُقَّ عَنْ صَدْرِهِ وشُقَّ لَهُ البَدْرُ


وَمِنْ شَرْطِ كلِّ شَرْطٍ جَزاءُ


ورَمَى بالحَصَى فأَقْصَدَ جَيشاً


ما العَصَا عِنْدَه وَمَا الإِلقاءُ


ودعا للأنامِ إذ دَهَمَتْهُم


سَنَةٌ مِنْ مُحولِها شَهْباءُ


فاسْتَهَلّتْ بالغَيْثِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ


عليهم سحابةٌ وَطْفاءُ


تَتَحَرّى مَواضِعَ الرَّعْيِ وَالسَّقْيِ


وحيث العِطاشُ تُوهَى السِّقاءُ


وأتى الناسُ يَشْتَكُونَ أذاها


وَرَخَاءٌ يُؤْذِي الأنام غلاءُ


فدعا فانجلى الغمام فقلت في


وصف غيث إِقْلاعَه استسقاءُ


ثم أَثْرى الثَّرَى فقرَّتْ عُيونٌ


بقُراهَا وَأُحْيِيَتْ أَحْيَاءُ


فترى الأرضَ غِبَّهُ كسماءٍ


أشْرَقَتْ مِنْ نُجومِهَا الظَّلْمَاءُ


تُخْجِلُ الدُّرَّ واليواقيتَ من نَوْرِ


رُباها البَيْضَاءُ والحَمراءُ


لَيْتَهُ خَصَّنِي بِرُؤْيَةِ وَجْهٍزَالَ


عن كلِّ من رآه الشّقاءُ


مُسْفِرٌ يَلْتَقِي الكَتِيبَةَ بَسَّا


ماً إذا أسْهَمَ الوُجُوهَ اللِّقاءُ


جُعِلَتْ مَسْجِدَاً له الأرضُ


فاهْتززَ به للصلاةِ فيها حِرَاءُ


مُظْهِرٍ شَجّةَ الْجَبِينِ عَلَى البُرْءِ


كما أَظهرَ الهلالَ البَرَاءُ


سُتِرَ الحُسْنُ منه بالحسنِ فاعجَبْ


لِجَمِالٍ له الْجَمالُ وِقاءُ


فهْوَ كالزّهْرِ لاحَ من سَجَفِ الأكمام


والعودِ شُقَّ عنه اللّحاءُ


كَادَ أَنْ يُغشِيَ العُيونَ سناً مِنْهُ


لِسِرٍّ فيه حَكَتْهُ ذُكاءُ


صانَهُ الحُسْنُ وَالسّكِينَةُ


أَنْ تُظهِرَ فيه آثارها البأساءُ


وتَخَالُ الوجوهَ إنْ قابَلَتْه


أَلْبَسَتْهَا ألوانَهَا الحِرْبَاءُ


فإذا شِمْتَ بِشْرَهُ وَنَدَاهُ


أذْهَلَتْكَ الأنوارُ والأنواءُ


أَوْ بتقبيلِ راحةٍ كانَ للهِ


وباللَّه أخذها والعطاءُ


تَتَّقِي بأْسَها الملوكُ وَتحْظَى


بالغِنَى من نَوَالِهَا الفُقَراءُ


لا تَسَلْ سَيْلَ جُودِها إنما يَك


فِيك مِنْ وكْفِ سُحْبها الأنداءُ


دَرَّتِ الشاةُ حينَ مرَّتْ عَلَيها


فلها ثَرْوَةٌ بها وَنَماءُ


نَبَعَ الماءُ أَثْمَرَ النخلُ في عامٍ


بها سَبَّحَتْ بها الحصباءُ


أحْيَتِ المُرْمِلِينَ مِنْ مِوْتِ جَهْدٍ


أَعْوَزَ القَوْمَ فيه زادٌ وماءُ


فتغَدَّى بالصَّاعِ أَلْفٌ جِياعٌ


وتَرَوَّى بالصَّاعِ ألفٌ ظِمَاءُ


وَوَفَى قدرُ بَيْضَةٍ مِنْ نُضَارٍ


دَيْنَ سَلْمَانَ حِينَ حانَ الوفاءُ


كانَ يُدْعَى قِنّاً فأُعْتِقَ لَمَّا


أيْنَعَتْ مِنْ نَخيلِه الأَقْنَاءُ


أفلا تَعْذُرُونَ سَلْمَانَ لَمَّا


أَنْ عَرَتْهُ مِنْ ذِكْرِهِ العُروَاءُ


وَأَزالَت بِلَمْسِهَا كلَّ دَاءٍ


أكْبَرَتْهُ أطِبَّةٌ وَإِسَاءُ


وعُيُونٌ مَرَّتْ بها وَهْي رُمْدٌ


فأَرَتْهَا مَا لَمْ تَرَ الزَّرْقَاءُ


وأَعادَتْ عَلَى قَتَادَةَ عَيْنَاً


فَهْيَ حتى مماتِه النَّجْلاءُ


أَوْ بِلَثْمِ التُّرَابِ مِنْ قَدَمٍ


لانَتْ حَياءً من مَشْيِهَا الصَّفْواءُ


مَوْطِئُ الأخمَصِ الَّذِي منه


للقللبِ إذا مَضْجَعي أَقَضَّ وِطاءُ


حَظيَ المسجدُ الحرامُ بمَمْشاها


ولم يَنْس حَظه إِيلِيَاءُ


وَرَمَتْ إذْ رَمَى بها ظُلَمَ الليلِ


إلى اللَّه خوفُه والرَّجاءُ


دَمِيَتْ في الوَغَى لِتَكْسِبَ طِيباً


ما أراقتْ من الدَّمِ الشُّهداءُ


فَهْيَ قُطْبُ المحرابِ وَالْحَرْبِ


كم دارت عليها في طاعة أَرحاءُ


وَأُرَاهُ لو لم يُسَكِّنْ بها


قبلُ حِراءً ماجَتْ بِهِ الدَّأْمَاءُ


عَجَباً للكُفّارِ زادوا ضلالاً


بالذي فيه للعقول اهتداءُ


والذي يسألون منه كتابٌ


مُنْزَلٌ قد أتاهم وارتقاءُ


أَوَ لم يَكْفِهِمْ من اللَّهِ ذِكْرٌ


فيه للناس رحمةٌ وشفاءُ


أَعجزَ الإِنسَ آية منه


والجننَ فَهَلَّا يأتي بها البُلَغاءُ


كلّ يومٍ تُهدَى إلى سامِعِيه


مُعجِزاتٍ من لفظِه القُرَّاءُ


تَتَحَلَّى به المسامِعُ والأفواه


فَهْو الحُلِيُّ وَالحَلْوَاءُ


رَقَّ لَفْظاً وراق معنىً فجاءَتْ


 في حُلاها وحَلْيِها الخَنْسَاءُ


وأرَتْنَا فيه غوامضَ فضلٍ


رِقَّةٌ مِنْ زُلالِهَا وَصَفاءُ


إنما تُجْتَلَى الوُجُوهُ إذَا ما


جُلِيَتْ عِنْ مِرْآتِهَا الأصْداءُ


سُوَرٌ منه أشْبَهَتْ صُوَراً مِننَا


ومِثْلُ النَّظَائِر النُّظَراءُ


والأقاويل عندَهمْ كالتماثيلِ


فلا يُوهِمَنَّكَ الخطباءُ


كم أبانَتْ آياتُهُ من علومٍ


عن حُروفٍ أبانَ عنها الهجاءُ


فهْي كالحَبِّ والنَّوَى أعجبَ الزُّر


راعَ منهُ سنابلٌ وَزَكاءُ


فأطالوا فيه التردُّدَ وَالرَّيبَ


فقالوا سِحْرٌ وقالوا افتراءُ


وإذا البيِّنَاتُ لَمْ تُغْنِ شيئاً


فَالتماسُ الهُدَى بِهِنَّ عَناءُ


وإذا ضلَّتِ العُقول


على عِلْمٍ فماذا تقوله الفُّصَحاءُ


قومَ عيسى عاملْتم قومَ موسى


بالذي عامَلَتْكُم الحُنفاءُ


صَدَّقوا كُتْبَكُمُ وكذَبْتُمْ


كُتبَهُمُ إنّ ذا لَبِئْسَ البَواءُ


لو جحدنا جُحُودَكم لاستويْنَا


أوَ للحقِّ بالضَّلالِ استواءُ


مَا لَكُم إِخْوَةَ الكِتابِ أُناساً


ليس يُرْعَى للحقِّ منكم إخاءُ


يَحْسُدُ الأولُ الأخيرَ


وما زالَ كذا المُحْدَثُونَ وَالقُدَمَاءُ


قد عَلِمْتُم بِظلمِ قابيل هابيلَ


ومظلومُ الإِخْوَةِ الأَتْقِيَاءُ


وسمِعْتم بكَيْدِ أَبناءِ يعقوبَ


أَخَاهم وكلُّهم صُلَحَاءُ


حِينَ أَلْقَوْهُ في غَيابَةِ جُبٍّ


وَرَمَوْهُ بالإفْكِ وَهْوَ بَراءُ


فتأَسَّوْا بِمَن مَضَى إذْ ظَلَمتمْ


 فالتَّأَسِّي لِلنَّفْسِ فيه عَزَاءُ


أتُرَاكُم وَفَّيْتُم حينَ خَانُوا


أم تُرَاكُمْ أَحْسَنْتُمُ إذْ أساؤُوا


بَلْ تَمَادَتْ عَلَى التَّجَاهُلِ


آبَاءٌ تَقَفَّتْ آثَارِهَا الأَبناءُ


بَيَّنَتْهُ تَوْراتُهُمْ وَالأَناجِيلُ


وَهم في جُحُودِهِ شُرَكاءُ


إنْ تقولوا ما بَيَّنَتْهُ فما زَالَتْ


بها عن عيونهم غشوَاءُ


أو تقولوا قد بَيَّنَتْهُ فما


لِلْأُذْنِ عما تقوله صَمَّاءُ


عَرَفُوهُ وَأنْكَرَوهُ وَظُلمَاً


كَتَمَتْهُ الشَّهَادَةَ الشُّهَدَاءُ


أوَ نُورُ الإِلهِ تُطْفِئُهُ الأَفْواهُ


وَهْوَ الذي به يُسْتَضاءُ


أوَلا يُنْكِرُونَ مَن طَحَنَتْهُم


بِرَحاها عِنْ أمْرِهِ الْهَيجاءُ


وَكَساهم ثَوْبَ الصَّغارِ وقد


طُلَّت دِماً منهم وصِينَتْ دِمَاءُ


كيف يَهدِي الإِله منهم قلوباً


حَشْوُها من حَبِيبِهِ الْبَغْضاءُ


خَبِّرونَا أهلَ الكِتَابَيْنِ من أَيْنَ


أَتَاكُم تَثْليثكم والبَداءُ


مَا أتى بالعقِيدَتَيْنِ كتابٌ


واعتقادٌ لا نَصَّ فيه ادِّعاءُ


والدَّعاوَى ما لم تُقيموا عليها


بَيِّنَاتٍ أبناؤُها أَدْعِياءُ


ليت شعري ذِكرُ الثلاثةِ


وَالواحِدِ نَقْصٌ في عَدِّكم أمْ نَماءُ


كيف وَحَّدْتُم إِلهاً نَفَى التَّوحِيدَ


عنه الآباءُ والأَبناءُ


أإِلهٌ مُرَكَّبٌ ما سَمِعْنَا


بإِلهٍ لذاتِهِ أَجْزَاءُ


أَلِكُلٍّ منهم نَصِيبٌ مِنَ المُلكِ


فَهَلَّا تَمَيَّزُ الأَنْصِبَاءُ


أم هُمُ حَلّلوُا بها شِرْكَةَ الأب


دَانِ أمْ هُمْ لبعضِهم كُفَلاءُ


أتراهم لحاجةٍ واضطرارٍ


خَلَطُوهَا ومَا بَغَى الخُلَطَاءُ


أهُوَ الرَّاكِبُ الحمارَ فيا


عَجْزَ إِلهٍ يَمَسُّهُ الإِعْيَاءُ


أمْ جميعٌ عَلَى الحمار لقد جَللَ


حِمَارٌ بِجَمْعِهِم مَشَّاءُ


أم سِواهم هُو الإِلهُ فما نِسْبَةُ


عيسى إليه والإِنْتِمَاءُ


أم أردتُم بها الصفاتِ


فلمْ خُصصَتْ ثُلاثٌ بِوصفِه وَثُناءُ


أم هُو ابنٌ للَّه ما شاركته


في معاني النُّبُوَّةِ الأَنبياءُ


قتلَتْهُ اليهودُ فيما زَعَمْتُم


وَلأَمْواتِكم به إحياءُ


إنَّ قَوْلاً أَطْلَقْتُمُوهُ عَلَى اللهِ


تعالى ذِكْرا لقَوْلٌ هُراءُ


مِثْلَ مَا قَالَت اليهودُ وكلٌّ


لَزِمَتْهُ مقالَةٌ شَنعاءُ


إذْ همُ اسْتَقْرَؤُوا البَداءَ وكم ساقَ


وَبَالاً إِليهم اسْتِقْرَاءُ


وَأَرَاهم لم يجعلُوا الواحِدَ القَههارَ


في الخَلْقِ فاعلاً ما يشاءُ


جَوَّزُوا النَّسْخَ مِثْلَما جوَّزُوا


المسخَ عَلَيْهِم لو أنهم فُقهاءُ


هُوَ إِلَّا أَن يُرْفَعَ الحكمُ بالحكمِ


وخَلْقٌ فيه وأمرٌ سَواءُ


ولحُكمٍ من الزمانِ انتهاءٌ


ولحُكم من الزمانِ ابتداءُ


فَسَلُوهم أكان في مسخِهِم


نَسْخٌ لآيات اللَّه أم إنشاءُ


وَبَدَاءٌ في قَوْلِهمْ نَدِمَ اللهُ


عَلَى خَلْقِ آدمٍ أمْ خَطاءُ


أم مَحَا اللَّهُ آية الليل ذكراً


بعدَ سَهْوٍ ليوجَدَ الإِمْساءُ


أم بدا للإِلهِ في ذَبْحِ إِسْحَاقَ


وقد كان الأمر فيه مَضاءُ


أوَ ما حَرَّمَ الإِلهُ نِكَاحَ الأُختِ


بعدَ التحليلِ فَهْوَ الزِّناءُ


لا تُكَذِّبْ إنَّ اليَهُودَ وقد زاغُوا


عن الحقِّ مَعْشَرٌ لُؤَماءُ


جَحَدُوا المصطفى وآمن


بالطاغُوتِ قومٌ همْ عندهمْ شُرَفاءُ


قتَلوا الأَنبياءَ وَاتَّخَذُوا


العِجلَ أَلا إنهم هم السُّفَهاءُ


وسَفيهٌ من ساءَه المنُّ


والسَّلْوَى وأَرضاهُ الفُومُ وَالقِثَّاءُ


مُلِئَتْ بالخبيثِ منهم بُطُونٌ


فَهْيَ نَارٌ طِباقُها الأمعاءُ


لو أُرِيدُوا في حال سَبْتٍ بخيرٍ


كان سَبْتَاً لديهمُ الأَربِعاءُ


هُوَ يومٌ مُبارَكٌ قيلَ للتصريفِ


فيه من اليهود اعتداءُ


فَبِظُلْمٍ منهمُ وكفْرٍ عَدَتْهُم


طَيِّبَاتٌ في تَرْكِهنَّ ابْتِلاءُ


خُدِعوا بالمنافقين وهل يَنْفُقُ


إلَّا على السفيهِ الشَّقاءُ


واطمأنوا بقَوْلِ الَاحزاب


إِخوانِهِمُ إِننا لكم أولياءُ


حالَفوهم وخالفوهم ولمْ أَدْرِ


لماذا تخالَفَ الحُلفاءُ


أسلَمُوهم لأَوَّلِ الحَشْرِ لا مِي


عادُهم صادقٌ ولا الإِيلاءُ


سكَنَ الرُّعْبُ والخَرابُ قلوباً


وبُيُوتاً منهمُ نعاها الجَلاءُ


وَبِيَوْمِ الأحزابِ إِذْ زاغتِ الأَب


صَارُ فيهم وضلتِ الآراءُ


وتَعَدَّوْا إلى النبيّ حدوداً


كان فيها عليهم العُدَوَاءُ


وَنَهَتْهُم وما انتهت عنه قوم


فأُبيدَ الأَمَّارُ والنَّهاءُ


وتعاطَوْا في أحمدٍ مُنْكَرَ


القَوْلِ وَنُطقُ الأَراذِلِ العَوْراءُ


كلُّ رِجْسٍ يَزِيدُه الخُلُقُ السُّوءُ


سِفاهاً والمِلَّةُ العَوْجاءُ


فانظروا كيف كان عاقبة القوْمِ


وَما ساق لِلْبَذِيِّ البَذَاءُ


وجَد السَّبَّ فيه سُمَّاً وَلم يَدْرِ


إِذْ المِيمُ في مواضِعَ بَاءُ


كانَ مِن فيه قتلُه بِيَدَيْهِ


فهو في سوء فِعله الزَّبَّاءُ


أوْ هُوَ النحلُ قَرْصُهَا يَجْلُبُ


الحَتفَ إليها وما له إنْكَاءُ


صَرَعَتْ قومَهُ حبائِلُ


بَغْيٍمَدَّها المكرُ منهم والدَّهاءُ


فأتتهم خيلٌ إلى الحرب


تختالُ وللخيْلِ في الوغَى خُيَلاءُ


قَصَدَتْ فيهم القنا فقَوافِي


الطعْنِ منها ما شأنها الإيطاءُ


وأثَارَتْ بأرضِ مكةَ نَقْعَاً ظُنَّ


أن الغُدُوَّ منها عِشاءُ


أحْجَمَتْ عندهُ الحجُون وأكْدى


عِنْد إعطائه القليلَ كَدَاءُ


وَدَهَتْ أَوْجُهاً بها وبيوتاً مُلّ


منها الإكفاءُ والإقواءُ


فَدَعَوْا أحْلَمَ البريَّةِ والعفْ


وُ جوابُ الحليمِ والإغْضاءُ


ناشدوه القُرْبَى التي من قُرَيْش


قطعَتْهَا التِّراتُ والشَّحْناءُ


فعَفا عَفْوَ قَادرٍ لم يُنَغِّصْهُ


عليهم بما مضى إغراءُ


وإذا كان القطْع وَالوصلُ


للهِ تَسَاوَى التَّقْرِيبُ وَالإِقْصاءُ


وسواءٌ عليه فيما أتاهُ


مِنْ سِواهُ المَلامُ وَالإطْراءُ


وَلَو انَّ انتقامَهُ لِهَوَى النَّفس


لَدَامَتْ قطيعةٌ وَجَفَاءُ


قام للَّه في الأُمورِ فأَرْضَى


اللهَ منه تَبايُنٌ وَوَفاءُ


فِعْلُهُ كلُّهُ جَمِيلٌ وَهل يَنْصَحُ


إلّا بمَا حَوَاهُ الإناءُ


أطْربَ السامعينَ ذِكْرُ عُلاهُيا


لَرَاحٍ مَالَتْ بهَا النُّدَماءُ


النبيُّ الأميُّ أعلمُ مَنْ أسنَدَ


عنه الرُّوَاةُ وَالحكَماءُ


وَعَدَتْنِي ازْدِيَارَهُ العامَ وَجْناءٌ


وَمَنَّتْ بِوَعْدِها الوجْناءُ


أفلا أنْطَوِي لها في اقْتضائِيه


لِتُطْوَى ما بَيْنَنا الأَفْلاءُ


بألُوفِ البَطْحاءِ يُجْفِلُهَا النِّيلُ


وقد شَفَّ جَوْفَهَا الإِظْماءُ


أنْكَرَتْ مِصْرَ فَهيَ تَنْفِرُ


ما لاحَ بِنَاءٌ لِعَيْنِهَا أوْ خَلاءُ


فأَقَضّتْ عَلَى مبَارِكها بِرْكَتهَا


فالبُّوَيْبُ فالخَضْراءُ


فالقِبَابُ التي تَلِيها فبِئْرُ


النخْلِ وَالرَّكْبُ قائِلُونَ رِوَاءُ


وَغَدَتْ أَيْلَةُ وَحِقْلٌ وَقُرٌّ خَلْفَها


فَالمَغَارَةُ الفَيْحَاءُ


فعيونُ الأَقْصَابِ يَتبعُها


النَّبكُ وَيتْلو كُفَافَةَ العَوْجاءُ


حاوَرَتْهَا الحوراءُ شَوْقاً


فينبوعٌ فَرَقَّ اليَنْبُوعُ وَالْحَوْراءُ


لاحَ بالدَّهْنَوَيْنِ بَدْرٌ لها بَعدَ


حُنَيْنٍ وَحَنَّتِ الصَّفْرَاءُ


ونَضَتْ بَزْوَةٌ فرابغُ فالجُحْفَةُ


عنها ما حاكه الإِنضاءُ


وأرَتْهَا الخَلاصَ بئْرُ عَليٍّ


فَعِقَابُ السَّوِيقِ فالخَلصاءُ


فهْيَ من ماء بئْرِ عُسفَانَ أو مِنْ


بَطْنِ مَرٍّ ظمآنةٌ خَمْصَاءُ


قَرَّبَ الزَّاهِرَ المساجِدُ منها


بخُطاها فالبُطءُ منها وَحاءُ


هذه عِدَّةُ المنازلِ لا ما


عدَّ فيه السّماكُ وَالعَوَّاءُ


فكأَني بها أُرَحِّلُ منْ مَككَةَ


شمساً سماؤُها البَيْداءُ


مَوْضِعُ البَيْتِ مَهْبِطُ الوَحْي مأْوى


الرسلِ حيثُ الأنوارُ حيثُ البَهاءُ


حيثُ فرضُ الطَّوَافِ والسَّعْيُ


وَالحلقُ وَرَمْيُ الجِمار وَالإِهداءُ


حَبَّذا حَبَّذَا معاهِدُ منها


لم يُغَيِّرْ آياتِهِنَّ البِلاءُ


حَرَمٌ آمِن وَبَيْتٌ حَرامٌ


وَمَقَامٌ فيه المُقامُ تَلاءُ


فَقَضَيْنَا بها مَناسِكَ لا يُحمَدُ


إلّا في فِعْلِهِنَّ القضاءُ


وَرَمَيْنَا بها الفِجَاجَ إلَى طَيْبَةَ


والسَّيْرُ بالمطايا رِماءُ


فأصَبْنا عَنْ قَوْسِها غَرضَ


القُربِ وَنِعْمَ الخَبِيئَةُ الكَوْمَاءُ


فرأينا أرضَ الحَبيبِ يَغُضُّ


الطرفَ منها الضياءُ وَالْلأْلاءُ


فكأنَّ البَيْدَاءَ مِنْ حيثُما


قابَلَتِ العَينَ رَوْضَة غَنَّاءُ


وكأَنَّ البِقاعَ زَرَّتْ عليها


طَرَفَيْها مُلاءَةٌ حَمْرَاءُ


وكأَنَّ الأَرجاء تَنشُر نَشْر


المِسْكِ فيها الجَنُوبُ وَالجِرْبِياءُ


فإذا شِمتَ أو شَمِمْتَ


رُبَاها لاحَ منها برقٌ وفاحَ كِباءُ


أيَّ نُورٍ وَأيَّ نَوْرٍ شَهِدْنا


يَوْمَ أَبْدَت لَنا القِبَابَ قُباءُ


قَرَّ منها دَمْعِي وفَرَّ اصْطبَارِي


فدُمُوعي سَيْلٌ وصَبْرِي جُفاءُ


فترى الرَّكْبَ طائرِينَ


من الشَّوْقِ إِلى طَيْبَةٍ لَهُمْ ضَوْضاءُ


وكأَنَّ الزُّوَّارَ مَا مَسَّتِ البَأْساءُ


منهم خَلْقاً ولا الضَّرَّاءُ


كلُّ نفسٍ منها ابتهال وسؤْلٌ


ودُعاءٌ وَرَغْبَة وَابْتِغَاءُ


وَزَفيرٌ تَظُنُّ منه صُدوراً


صادحاتٍ يَعْتادُهُنَّ زُقاءُ


وَبُكَاءٌ يُغْرِيِهِ بالعين


مَدّ وَنجيبٌ يَحُثُّه اسْتِعلاءُ


وجُسومٌ كَأَنَّمَا رَحَضَتْهَا


منْ عظيم المَهَابَةِ الرُّحَضاءُ


وَوجُوهٌ كأَنَّما ألْبَسَتْها


منْ حياءٍ ألوانَها الحرْباءُ


ودموعٌ كأنّما أرسلتها


من جفونٍ سحابةٌ وطفاءُ


فَحَطَطْنا الرِّحالَ حيثُ


يحَطُّ الوِزْرُ عنّا وترفع الحوجاءُ


وَقَرَأْنا السلامَ أكْرَمَ خلق اللَه


مِنْ حيثُ يُسمَعُ الإقْراءُ


وذهلنا عند اللقاء


وكم أَذْهَلَ صَبَّاً من الحَبيبِ لِقاءُ


وَوَجمنَا مِنَ المَهَابَةِ حتَّى


لا كلامٌ منا ولا إيماءُ


وَرَجَعْنا وَللقلُوبِ التفاتاتٌ


إليه وللجُسوم انْثِناءُ


وَسَمحْنا بما نُحِبُّ


وقد يَسمَحُ عند الضرورةِ البُخلاءُ


يا أبا القاسمِ الذي ضِمنَ


إِقسامِي عليه مَدْحٌ لهُ وَثَنَاءُ


بالعلومِ التي عَليكَ


مِن اللهِ بلا كاتِبٍ لها إِمْلاءُ


ومسير الصَّبا بنصْرِك


شَهْرا فكأَنَّ الصَّبا لَدَيكَ رُخاءُ


وَعَلِيٍّ لمَّا تَفَلْتَ بِعَيْنَيْهِ


وكلتاهما مَعاً رمْداءُ


فَغَدا ناظراً بِعَيْنَيْ عُقَابٍ


في غَزاةٍ لها العُقَابُ لِواءُ


وَبِرَيْحانَتَيْنِ طيبُهُما


مِنكَ الذي أودعتهُما الزَّهْراءُ


كُنْتَ تُؤْوِيهِمَا إليك


كما آوَتْ من الخَطِّ نُقْطَتَيْهَا اليَاءُ


مِنْ شهيدَيْنِ ليس يُنْسِيَني


الطَّففُ مُصابَيْهِما وَلا كَرْبَلاءُ


مَا رَعَى فيهما ذِمامَك


مرؤوسٌ وَقد خانَ عَهْدَكَ الرُّؤساءُ


أبْدَلوا الودَّ وَالحَفيظَةَ


في القُرْبَى وَأَبدَتْ ضِبَابها النَّافِقاءُ


وَقَسَتْ منهم قلوبٌ عَلَى مَنْ بَكَتِ


الأرضُ فقدَهم والسماءُ


فابْكِهِمْ ما اسْتَطَعْتَ إنَّ قليلاً


في عَظيمٍ مِن المُصابِ البُكاءُ


كلَّ يوْمٍ وَكلُّ أَرْضٍ لِكَرْبي


منهمُ كَرْبَلا وَعاشورَاءُ


آلَ بَيْتِ النبيِّ إِنَّ فُؤادِي


ليسَ يُسْلِيهِ عَنْكم التَّأْسَاءُ


غيرَ أَنِّي فَوَّضْتُ أَمْرِي


إِلَى اللهِ وَتَفْوِيضِيَ الأُمورَ بَراءُ


رُبَّ يومٍ بِكَربَلاءَ مُسيئٍ


خَفَّفَتْ بعض وِزْرِهِ الزَّوْراءُ


وَالأَعادِي كَأَنَّ كلَّ طَرِيحٍ


منهمُ الزَّقُّ حُلَّ عَنْه الوِكاءُ


آلَ بيتِ النبيِّ طبتُم فطابَ


الْمَدْحُ لِي فيكُمُ وَطابَ الرّثاءُ


أنا حَسَّانُ مَدْحِكم


فإذَا نُحْتُ عليكمْ فإنَّنِي الخنساءُ


سُدْتُمُ النّاسَ بالتُّقَى وَسِواكم


سَوَّدَتْهُ البَيْضاءُ والصَّفْراءُ


وَبِأصحابك الذين همُ


بَعْدَكَ فينا الهُداةُ وَالأوْصِياءُ


أَحْسَنُوا بعدكَ الخِلافَةَ


فِي الدينِ وَكلٌّ لِما تَوَلَّى إزَاءُ


أَغْنياءٌ نزاهَةً فُقَرَاء


عُلَمَاءٌ أَئمَّةٌ أُمَرَاءُ


زَهِدُوا في الدُّنَا فما عُرِفَ


المَيلُ إلَيْهَا منهم وَلا الرَّغْبَاءُ


أَرْخَصُوا في الوغَى نُفُوسَ مُلُوكٍ


حارَبُوها أسلابُها إغْلاءُ


كلُّهُمْ في أحكامه ذو اجتهادٍ


وَصَوابٍ وَكُلُّهمْ أَكفاءُ


رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ وَرَضُوا


عَنْهُ فأنَّى يَخطو إليهم خَطَاءُ


جاء قَوْمٌ مِنْ بَعْدِ قَوْمٍ بحَقٍّ


وَعَلَى المَنْهَجِ الحَنِيفِيِّ جاؤوا


ما لموسى وَلا لعِيسى حَوارِييُونَ


في فَضْلِهم وَلا نُقَبَاءُ


بأَبي بَكْرٍ اِلذي صَحَّ لِلنَّاسِ


به في حياتك الإِقتِداءُ


والمُهَدِّي يَوْمَ السَّقِيفَةِ لَما


أرْجَفَ الناسُ أنه الدَّأْدَاءُ


أَنقذَ الدينَ بعدَ ما كان للددينِ


عَلَى كلِّ كُرْبَةٍ إشْفَاءُ


أَنْفَقَ المالَ في رِضَاكَ


وَلا مَننٌ وَأَعْطَى جَمَّاً وَلا إكْداءُ


وأبي حَفْصٍ الذي أظهر


اللهُ به الدينَ فارعَوى الرُّقباءُ


والذي تَقْرُبُ الأباعِدُ


في اللهِ إليه وَتَبْعُدُ القُرَباءُ


عُمَر بن الخطابِ مَنْ قَوْلُهُ


الفَصلُ ومَنْ حُكْمُهُ السَّوِيُّ السّواءُ


فَرَّ منه الشيطانُ إذْ كانَ فاروقاً


فلِلنَّارِ مِنْ سَنَاهُ انْبِراءُ


وَابْن عفَّانَ ذِي الأيادي التي طالَ


إلى المصطفى بها الإِسْدَاءُ


حَفَر البِئْرَ جَهَّزَ الجَيْشَ أهْدَى


الْهَدْيَ لما أنْ صَدَّهُ الأعْداءُ


وَأبَى أنْ يَطُوفَ بالبيتِ


إذْ لمْ يَدْنُ منه إلى النبيِّ فِناءُ


فَجَزَتْهُ عنها بِبِيعَةِ


رِضْوانٍ يَدٌ مِنْ نَبِيِّهِ بَيْضَاءُ


أدَبٌ عنده تَضَاعَفَتِ


الأعمالُ بالترْكِ حَبَّذَا الأُدَباءُ


وَعَلِيٍّ صِنْوِ النبيّ


وَمَنْ دِينُ فُؤادِي وِدادُهُ وَالوَلاءُ


وَوَزيرِ ابن عَمِّه في المعالي


ومِنَ الأهلِ تُسْعَدُ الوُزَراءُ


لم يَزِدْهُ كَشْفُ الغِطاءِ يَقِيناًبَل


هُوَ الشمْسُ ما عليه غِطاءُ


وبباقِي أصحابِكَ المُظْهِرِ التَّر


تيبِ فينا تَفْضِيلُهم والولاءُ


طَلْحَةِ الخَيْرِ المُرْتَضِيهِ رَفيقاً


وَاحداً يومَ فَرَّت الرُّفَقَاءُ


وَحَوارِيِّكَ الزُّبَيْرِ أبي القَرْمِ


الذي أَنْجَبَتْ بِهِ أسماءُ


وَالصَّفِيَّيْنِ تَوْأَمِ الفضل سَعْدٍ


وسَعِيدٍ إنْ عُدَّتِ الأصْفياءُ


وابْنِ عَوْفٍ مَنْ هَوَّنَتْ نفسُه


الدُّنَا بِبَذْلٍ يُمِدُّهُ إثْراءُ


والمُكَنَّى أبا عُبيْدَةَ


إذْ يَعْزِي إليه الأمانةَ الأُمَناءُ


وَبِعَمَّيْكَ نَيِّرَي فَلَكِ المَجدِ


وكلٌّ أتَاهُ منك إتاءُ


وبأمِّ السِّبْطَيْنِ زَوْجِ عَلِيٍّ


وَبَنِيها وَمَنْ حَوَتْهُ العَبَاءُ


وَبِأَزواجكَ اللَّواتي تَشَرَّفْن


بأنْ صانَهُنَّ منك بِناءُ


الأمانَ الأمانَ إنَّ فُؤادِي


من ذُنوبٍ أَتَيْتُهُنَّ هَواءُ


قد تَمَسَّكْتُ مِنْ وِدَادِكَ بالحَبلِ


الذي اسْتَمْسَكَتْ به الشفَعاءُ


وَأبى اللَّهُ أنْ يَمَسَّنِيَ السُّوءُ


بحالٍ وَلِي إليك الْتِجاءُ


قد رَجَوْناكَ للأُمورِ الّتي


أبرَدُها فِي فُؤَادِنا رَمْضاءُ

وَأَتَيْنا إليكَ أَنْضاءَ فَقْرٍ


حَمَلَتْنا إلى الغِنَى أَنْضاءُ


وانْطَوَتْ في الصُّدُورِ حاجاتُ نفسٍ


ما لها عَنْ نَدَى يَدَيْكَ انْطِوَاءُ


فأَغِثْنَا يَا مَنْ هُوَ الغَوثُ

والغَيْثُ إذا أَجْهَدَ الورَى اللّأْوَاءُ


وَالجَوَادُ الذِي به تُفْرَجُ


الغُممَةُ عَنا وتُكْشَفُ الحَوْباءُ


يا رحيماً بالمؤمنين إذا ما


ذَهِلَت عن أبنائها الرُّحَماءُ


يا شفيعاً في المُذنبين


إذا أشفقَ مِنْ خَوفِ ذَنْبِهِ البُرَآءُ


جُدْ لعاصٍ ومَا سِوايَ


هُوَ العاصِي وَلكنْ تَنَكُّرِي اسْتِحْياءُ


وتَدَارَكْهُ بالعناية ما دامَ


له بالذِّمامِ منك ذماءُ


أخَّرَتْهُ الأعمالُ والمالُ عَمَّا


قدَّمَ الصَّالحُونَ والأغنياءُ


كل يومٍ ذُنُوبُهُ صاعداتٌ


وعليها أنفاسُهُ صُعَدَاءُ


أَلِفَ البِطْنَةَ المُبَطِّئَة


السَّيْرِ بدار بها البِطانُ بِطَاءُ


فَبَكَى ذَنْبَهُ بِقَسْوَةِ قَلْبٍ نَهَتِ


الدَّمْعَ فالبُكاءُ مُكاءُ


وغَدَا يَعْتِبُ القَضَاءُ


ولا عذر لعاص فيما يسوق القضاءُ


أوثقته من الذنوب دُيُونٌ


شَدَّدَتْ فِي اقْتِضائِها الغُرَماءُ


ما لَهُ حِيلَةٌ سِوَى حِيلَةِ


المُوثَقِ إِمَّا تَوَسُّلٌ أَوْ دُعَاءُ


رَاجِياً أَنْ تعودَ أعمالُه السُّوءُ


بِغُفْرَانِ اللَّهِ وَهْيَ هَباءُ


أَوْ تُرَى سَيِّئاتُهُ حَسَناتٍ


فيقَالُ اسْتحالتِ الصَّهْباءُ


كلُّ أمْرٍ تُعنَى به تُقْلَبُ


الأعْيانُ فيه وتَعْجَبُ البُصَراءُ


رُبَّ عَيْنٍ تَفَلْتَ في مائها المِلْحِ


فأضْحَى وَهْوَ الفُراتُ الرَّوَاءُ


آهِ مِما جَنَيْتُ إنْ كانَ يُغْنِي


ألِفٌ مِنْ عَظيمِ ذنْبٍ وهاءُ


أرْتَجِي التَّوْبَةَ النَّصُوحَ


وفِي القَلْبِ نفَاقٌ وفي اللسانِ رِياءُ


ومتى يَسْتَقيمُ قَلْبِي


ولِلْجِسْمِ اعْوِجَاجٌ مِنْ كَبْرتي وانْحِناءُ


كُنْتُ في نَوْمَةِ الشَّبابِ


فما اسْتَيْقَظْتُ إِلَّا ولِمَّتي شَمْطاءُ


وتمادَيْتُ أَقْتَفي أَثَرَ القَوْمِ


فطالَتْ مَسَافَةٌ واقْتِفَاءُ


فوَرا السائرينَ وهْوَ أمامِي


سُبُلٌ وَعْرَةٌ وأرضٌ عَراءُ


حَمِدَ المُدلِجونَ غِبَّ سُرَاهُم


وكَفَى مَنْ تَخَلَّف الإِبْطاءُ


رِحلةٌ لَمْ يَزَلْ يُفنِّدني


الصَّيفُ إِذَا مَا نَوَيْتُها والشِّتاءُ


يَتَّقِي حُرُّ وجْهِي الحَرَّ والبَرْدَ


وَقَدْ عَزَّ مِنْ لَظى الاتِّقاءُ


ضِقْتُ ذَرْعاً مِمَّا جَنَيْتُ فَيوْمِي


قَمْطَرِيرٌ وليلَتي دَرْعاءُ


وَتَذَكَّرْتُ رَحْمَةَ اللَّهِ فالبِشرُ


لِوَجْهِي أنّى انْتَحَى تِلْقاءُ


فألحَّ الرَّجاء والخوفُ بالقَلْبِ


ولِلْخَوفِ والرَّجا إِخْفاءُ


صَاحِ لا تأسَ إنْ ضَعُفْتَ عَنِ الطَّاعةِ


واسْتَأْثَرَتْ بها الأقوياءُ


إنَّ للَّهِ رَحمةً وأحَقُّ الناسِ


منه بالرَّحمةِ الضُّعَفَاءُ


فابقَ في العُرْجِ عندَ مُنْقَلَبِ


الذَّوْدِ ففِي العَوْدِ تَسْبِقُ العَرْجاءُ


لا تَقُلْ حاسداً لِغَيْرِك هذَا


أثْمَرَتْ نَخْلَهُ ونَخْلِي عَفاءُ


وائْتِ بالمَسْتَطاع مِنْ عَمَل البرر


فقدْ يُسْقِطُ الثِّمارَ الإِتاءُ


وبِحُبِّ النبيِّ فابْغِ رِضَى اللهِ


فَفِي حُبِّهِ الرِّضا والحِبَاءُ


يا نبيَّ الهُدَى اسْتِغَاثَةَ مَلْهوفٍ


أَضَرَّتْ بحالِه الحوْبَاءُ


يَدَّعِي الحُبَّ وهْوَ يأْمُرُ بالسُّوءِ


ومَنْ لِي أنْ تَصْدُقَ الرَّغْبَاءُ


أَيُّ حُبٍّ يَصِحُّ منه وطَرْفِي


لِلْكَرَى واصِلٌ وطَيْفُكَ رَاءُ ليت شِعرِي


أَذَاكَ مِنْ عُظمِ ذَنْبٍ أمْ


حُظُوظُ المُتَيَّمِينَ حُظَاءُ


إنْ يكُنْ عُظْمُ زَلَّتي حَجْبَ


رُؤْيَاكَ فقدْ عَزَّ داءَ قلبي الدَّواءُ


كيف يَصدا بالذَّنْبِ قلبُ مُحِبٍّ


وله ذِكْرُكَ الجميلُ جِلاءُ


هذه عِلَّتي وأنت طبيبي


ليسَ يَخفَى عليك في القلبِ داءُ


ومِنَ الفَوْزِ أنْ أبُثَّكَ شكوَى


هِيَ شكوَى إليكَ وهْيَ اقْتضاءُ


ضُمِّنتها مَدَائح مُستطابٌ


فيك منها المَديحُ والإصغاءُ


قلما حاوَلتْ مَدِيحكَ إِلّا


سَاعَدَتْهَا مِيمٌ ودالٌ وحَاءُ


حقَّ لِي فيكَ أنْ أُسَاحِلَ قوْماً


سَلَّمَتْ منهم لَدَلْوِي الدِّلاءُ


إنَّ لِي غيرةً وقد زَاحَمَتْني


في معاني مَديحِكَ الشُّعراءُ


ولقلبي فيك الغُلوُّ وأنَّى


لِلِساني في مَدْحِكَ الغُلواءُ


فأَثِبْ خاطِراً يَلَذُّ له مَدْحُك


عِلْماً بأَنه اللَّأْلاءُ


حاكَ مِنْ صَنْعَةِ القَرِيض بُرُوداً


لَكَ لم تحْكِ وشْيَها صَنْعَاءُ


أعجزَ الدُّرَّ نَظمُهُ فاستوتْ


فيهِ اليَدَانِ الصَّناعُ والخَرْقَاءُ


فَارْضَهُ أفْصَحَ امرئٍ نطقَ


الضَّادَ فقامتْ تَغَارُ منها الظاءُ


أبِذِكْرِ الآياتِ أُوفِيكَ مَدْحَاً


أيْنَ مِنى وأَيْنَ منها الوفَاءُ


أمْ أُمَارِي بهِنَّ قَوْمَ نَبِيٍّساء


ما ظَنَّهُ بِيَ الأغبياءُ


ولَكَ الأُمَّةُ التي غَبَطَتْهَا


بكَ لَمَّا أتيْتَها الأنبياءُ


لَمْ نَخَفْ بَعْدَكَ الضَّلالَ وفينا وَارِثُوا


نُورِ هَدْيِكَ العُلَماءُ


فانْقَضَتْ آيُ الَانبياءُ


وآياتُكَ في الناس ما لَهُنَّ انْقضاءُ


والكراماتَ منهمُ مُعجزاتٌ


حازَهَا مِنْ نَوَالِكَ الأولياءُ


إنَّ مِنْ مُعجزاتِكَ العَجزَ


عَنْ وصفِكَ إذْ لا يَحُدُّهُ الإحصاءُ


كيفَ يَسْتَوعِبُ الكلامُ سَجَاياكَ


وَهَلْ تَنْزِحُ البحار الرِّكَاءُ


ليسَ مِنْ غايَةٍ لِوَصْفِكَ


أَبغيها وللْقَوْلِ غايَةٌ وانتهاءُ


إنما فضلُكَ الزَّمَانُ


وآياتُكَ فيما نَعُدُّهُ الآناءُ


لَمْ أُطِلْ في تَعْدادِ مَدْحِكَ نُطْقي


ومُرادِي بذلك استقصاءُ


غير إنيَ ظمآنُ وَجْدٍ ومَا لي


بِقَليلٍ مِنَ الورودِ ارْتِواءُ


فسلامٌ عليك تَتْرَى مِنَ اللهِ


وَتَبْقَى به لَكَ البَأواءُ


وسلامٌ عليك منكَ فما


غَيرُك منه لكَ السلام كِفاءُ


وَسَلامٌ مِنْ كلِّ ما خَلَقَ اللهُ


لِتحْيا بِذِكْرِكَ الأملاءُ


وَصلاةٌ كالمِسْكِ تَحْمِله مِنني


شمَالٌ إليكَ أَو نكْباءُ


وَسَلامٌ عَلَى ضَرِيحِكَ


تخْضَللُ به منه تُرْبَةٌ وَعْساءُ


وَثَنَاءٌ قَدَّمْتَ بينَ يَدَيْ نَجْوَايَ


إذْ لم يكن لَديَّ ثَراءُ


ما أَقَامَ الصلاةَ مَنْ عَبَدَ اللهِ


وقامتْ بِربِّهَا الأشياءُ..



وهنا انتهت مقالتنا وقد تعرفنا اليوم في موقع صنديد في تصنيف قصائد مكتوبة. على كلمات قصيدة الهمزية مكتوبة كتابة كاملة النسخة الأصلية.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)